وزارة الكفاءة الحكومية- حلول للإصلاح الإداري وتحسين جودة الحياة

المؤلف: بشرى فيصل السباعي08.19.2025
وزارة الكفاءة الحكومية- حلول للإصلاح الإداري وتحسين جودة الحياة

لقد أرسى الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، دعائم وزارة مبتكرة أطلق عليها اسم "وزارة الكفاءة الحكومية"، ويُشاع أن هذه الفكرة النيرة قد انبثقت من ذهن حليفه الثري، إيلون ماسك، الذي عُين لرئاستها. إن جوهر هذه الوزارة يتمثل في مكافحة الترهل البيروقراطي، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتحقيق أسمى معايير الكفاءة في الأداء الحكومي. فكما يحتاج المدقق إلى من يدقق عليه لضمان كفاءته ونزاهته، فإن دول العالم أجمع بأمس الحاجة إلى هذه الوزارة؛ لقدرتها على تذليل العديد من عقبات الأداء الحكومي المزمنة. هذه المعضلات دفعت كبار منظّري الاقتصاد الغربي إلى اقتراح حل جذري يتمثل في تجريد الحكومات من أدوارها وتحويلها إلى القطاع الخاص، مما أفضى لاحقاً إلى تبعات اقتصادية وخيمة وتدهور ملحوظ في جودة حياة الطبقة الوسطى وما دونها. لقد فُرضت هذه النظرية الكارثية، التي أثبتت فشلها الذريع وتسببها في اندلاع الثورات والاضطرابات المتواصلة، مقابل قروض باهظة غالبًا ما يكون الوفاء بها ضربًا من المحال. وتوجه ميزانيات الخدمات العامة الأساسية، كالصحة والتعليم، لخدمة هذه الديون، مما يضاعف من الآثار المدمرة لهذه النظرية التي تتجاهل الواقع وتتعصب للاعتقاد بأن عدم الكفاءة ملازم للأداء الحكومي. لذا، فإن وزارة الكفاءة الحكومية تمثل بديلاً واعدًا لهذه النظرية الكارثية، وربما يسهم انتشارها عالميًا في القضاء على هذه النظرية التي أرهقت الشعوب. فالحكومات قادرة على العمل بكفاءة القطاع الخاص إذا ما وُضعت الآليات المحكمة لتحقيق ذلك، وأشرفت وزارة الكفاءة الحكومية على تفعيلها وتنفيذها. فالقطاع الخاص يعامل المواطن كزبون لا يحصل على الخدمة إلا مقابل المال، بغض النظر عن مدى إلحاح حاجته إليها، كما تجسد ذلك في قصص مؤسفة لموت مرضى على أبواب المستشفيات الخاصة لعدم قدرتهم على الدفع. بينما القطاع الحكومي يعامل المواطن بروح أبوية، حريصًا على تقديم الخدمة مجانًا حفاظًا على رفاهيته. لذلك، يظل القطاع الحكومي الأمثل لإدارة الخدمات العامة، وكل أوجه القصور في الأداء الحكومي قابلة للتصحيح بوجود وزارة للكفاءة الحكومية. ستضطلع هذه الوزارة بدور رقابي على جميع الوزارات، مما يضمن التزامها بالخطط الموضوعة، ويقوّم كفاءة أدائها، ويعالج أسباب تعثر المشاريع، ويعزز تطبيق الأنظمة والقوانين على أرض الواقع، كما هو الحال في قضايا حقوق العمالة. وهذا من شأنه أن يحسن السمعة العالمية للدولة، ويعزز من جاذبية المشاريع الكبرى، خاصة في ظل ضغوط المنظمات الحقوقية على الهيئات الدولية ووسائل الإعلام الغربية حيال هذا الشأن. كما تعالج الوزارة مشكلة الهدر المالي الذي قد لا يكون سببه فسادًا بالضرورة، وإنما سوء إدارة الموارد المالية. ومن أهم العقبات التي تعرقل كفاءة الأداء الحكومي هو التضخم البيروقراطي وتعقيد الإجراءات، الأمر الذي يتطلب جهة متخصصة لتفكيك هذا التضخم وتبسيط الإجراءات المعقدة التي تعطل مصالح الناس وتستنزف ميزانية الدولة دون عائد يذكر. إن تحقيق كفاءة الأداء الحكومي سيوفر مبالغ طائلة من الميزانية كانت تتبدد بسبب عدم الكفاءة، والذي يشبه الثقب الأسود الذي يبتلع الميزانيات الضخمة دون جدوى. فمهما صُبت الميزانيات والكفاءات على مشروع متعثر، فإنه يظل في حالة جمود لغياب جهة تقيّم أداءه وتضع له الخطط التصحيحية وتراقب مدى الالتزام بها. ومما لا شك فيه أن وزارة الكفاءة الحكومية سترفع من جودة حياة المواطن ومن مرتبة الدولة في قائمة جودة الحياة، وهو ما يمثل حافزًا قويًا يشجع على السياحة والاستثمار والإقامة بها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة